نسبه : هو أبو الحسن شمس الدين الشيخ سليمان بن عبد الله بن علي بن الحسن بن أحمد بن يوسف بن عمار الستري الماحوزي البحراني و المعروف ( بالمحقق البحراني ) . مولده : ولد الشيخ سليمان في ليلة النصف من شهر رمضان المبارك سنة 1075 هجرية في قرية ( الماحوز ) . بلدته : يرجع أصل الشيخ البحراني إلى قرية ( الخارجية ) إحدى قرى جزيرة " ستره " و ولد في الماحوز كما ذكرنا سلفا و سكن بها وقت طويل من حياته إلى أن أنتقل بعد ذلك إلى ( البلاد القديم ) حيث كانت هذه القرية في ذلك الزمان عمدة البحرين و حاضرة العلم و مركز السلطة و مسكن العلماء و أهل الأقدار و كبار التجار و أرباب النفوذ . نشأته : كانت نشأة الشيخ الماحوزي - رحمه الله - نشأة صالحة أشربت نفسه منذ الطفولة بالصلاح و حب العلم ، تربية علمية كان لها الأثر الكبير في حياته العلمية المليئة بالنـتاج الضخم في مختلف فروع المعرفة في عصره ، فكان منذ الصغر مواظبا على طلب العلم في دور التعليم ثم المواظبا على التدريس و التأليف في دور الإفادة مباشرة بعد حفظه القرآن الكريم و هو في السابعة من العمر ثم في العاشرة شرع في كسب العلوم و المعرفة . نشأته العلمية : كانت دراسة الشيخ الجليل في البحرين على يد علمائها الأفاضل الذين أشتهرت البلاد بهم في عصره ، و كانت له معهم مناظرات في مسائل علمية يبدي نظره فيها و يناقشها على ما يلقونه على التلامذة ، وهذا يعني أنه لم يكن في مراحل الدراسة جامدا على ما يقوله الأساتذة بل يدرس الموضوعات دراسة متروية و يأخذ العلم عن فقه و تعقل لا تقليد و نقل ، وهذه النقطة هي التي سببت له المكانة المرموقة في الأوساط العلمية و جعله من المتقدمين من علماء البحرين مع قصر عمره نسبيا . فالدارس لرسائله و أثاره يرى أثر العمق العلمي فيه من خلالها ، و يشعر بأنه رجل تحقيق قلب وجوه المسائل عن فضل و خبره و درسها دراسة واعية مستوعبة . مما جعل يعرف عنه بين العلماء في عصره ( المحقق المدقق و صاحب المؤلفات الأنيقة و جامع لجميع العلوم ) . أساتذته :
تلامذته : كان الشيخ الماحوزي ( قدس سره ) مدرسا معروفا يحضر درسه جماعة من الأفاضل و يؤم محاضراته ثلة من العلماء ، وكان أعظم علومه الحديث و الرجال وقد درس فيهما أكثر من غيرهما ، وذكر أنه ( طاب ثراه ) كان يدرس يوم الجمعة بعد الصلاة في الصحيفة السجادية الكاملة ، و حلقته مملوءة بالفضلاء المشار إليهم . كيف لا وكان - رحمه الله - شيخ المحدثين في عصره ، يستجيز منه العلماء و المحدثون فيكتب لهم إجازات حديثة ، وقد قالوا فيه أن له " إجازات لكثير من العلماء عربا و عجما " . ومن هؤلاء العلماء الذين تتلمذوا على يد شيخنا الماحوزي و المجازين نذكر منهم :-
مؤلفاته : خلف الشيخ سليمان الماحوزي ثروة كبيرة من الكتب و الرسائل و أجوبة المسائل في الكلام و العقائد و الحديث و الفقه و الرجال و الأدب ، بالرغم من أن عمره لم يطل طويلا ومن هذه المؤلفات نذكر منها :-
و الكثير الكثير من الكتب القيمة وفي شتى العلوم و المعرفة لا زالت إلى يومنا منارا للكثير من الباحثين في شتى العلوم و الأحكام الشرعية و غيرها من أمور الفائدة للجميع . نظمه و شعره : لقد عرف عن شعر الشيخ الماحوزي ( طاب ثراه ) بالجودة ، و ذكر كثير من المترجمين له نماذج من شعره تدل على قدره لغوية فائقة ، كما في قصيدته ( الخالية ) وهي قصيدة طويلة ينتهي كل بيت فيها بلفظه ( الخال ) بضم الام ، وكل منها له معنى غير المعنى السابق . ومنها :- علام سعى خديك من جفنك الخال أمن ربوات اللولاح لك الخال وأسهر منك الطرف ايماض مبسم من الدورة النوري أم أومض الخال كذلك من امثلة شعره معتدا بشخصة - على ما وصف به من تواضع جم وخفض جناح قوله :- قل للثريا هل رأت لي خلة لما ارتقيت لها و صرت ضجيعها آن امحلت ارض أقول لأهلها آني لأضكم أكون ربيعها وله ( قدس الله سره ) :- اني وان لم يطلب بين الورى عملي فلست انفك ما أن عشت عن أملى وكيف أقنط من عفو الإله و لي وسيلة عنده حب الأمام علي ( ع ) وقال ( رضى الله عنه ) قلت هذين البيتين حاذيا حذو الصاحب بن عباد و ذلك كما ذكره في ( أزهار الرياض ) انه ورد على الصاحب أعرابي فوقف على رأسه و أنشد يقول :- منائح الله عندي جاوزت أملي فليس يبلغها شكري ولا عملي لكن أفضلها عندي و أكملها محبتي لأمير المؤمنين علي (ع ) فهش الصاحب ( رض ) لذلك ثم أنشد يقول :- ياذا المعارج أن قصرت في عملي وغرني من زماني كثرة الأمل وسيلتي أحمد وأبناه و أبنته إليك ثم أمير المؤمنين علي ( ع ) مركزه الاجتماعي و السياسي : لقد أنتقل الشيخ سليمان الماحوزي من دار سكناه في ( الماحوز ) إلى ( البلاد القديم ) التي كانت في عصره مسكن كبار الشخصيات في البلاد ، وكان الشيخ أحد هؤلاء لكونه في قمة الهرم الاجتماعي و السياسي في البحرين يومذاك كما ذكر ذلك ( صاحب اللؤلؤة ) فقال : " انتهت إليه رئاسة البحرين في وقته " . و يؤكد المعنى نفسه ( الشيخ البلادي في الأنوار ) وهو يتحدث عن سبب انتقال الشيخ الماحوزي فيقول " وكان الأكثر إذا انتهت الرئاسة لأحد من العلماء من غير أهل ( البلاد القديم ) ينقله أهلها إليها ، لأنها في ذلك الزمن عمدة البحرين ، ومسكن الملوك و التجار و العلماء وذوي الأقدار " . لقد حاز الشيخ الماحوزي هذا المركز العالي لتفوقه العلمي النادر ، وهو في مقتبل العمر ، ووفاته وعمره الشريف لم يتجاوز الخمسين ربيعا . أقوال العلماء فيه : 1- تلميذه الشيخ عبد الله بن صالح البحراني :-( كان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ و الدقة و سرعة الانتقال في الجواب و المناظرات و طلاقة اللسان ، لم أر مثله قط ، وكان ثقة في النقل ضابطا إماما في عصره و حيدا في دهره ، أذعنت له جميع العلماء و أقر بفضله جميع الحكماء ، و كان جامعا لجميع العلوم علامة في جميع الفنون ، حسن التقرير عجيب التحرير ، وكان أيضا في غاية الأنصاف ) . 2- المولى محمد باقر الوحيد البهبهاني :-( العالم العامل و الفاضل الكامل المحقق المدقق الفقيه النبيه نادرة العصر و الزمان الشيخ سليمان ) . 3- الشيخ يوسف البحراني :- ( وكان - مع ما هو عليه من الفضل - في غاية الأنصاف و حسن الأوصاف و الذلة و الورع و التقوى و المسكنة ، ولم أر في العلماء مثله في ذلك ) . 4- الميرزا محمد الأستربادي :-( مولانا العالم الرباني و المقدس الصمداني المعروف بالمحقق البحراني قدس الله فسيح تربته و أسكنه بحبوحة جنته ) . 5- السيد محمد باقر الخوانساري :-( و بالجملة فهذا الشيخ المتبحر الجليل من أعاظم علماء الطائفة و إجلاء فقهائها ، و حسب الدلالة على غاية فضيلة الرجل و امتيازه في القابلية و الاستعداد و جودة القريحة من بين قاطبة الأمثال و الأقران مسلميته عندهم و شهرته لديهم بالتماميته مع قصر العمر و نقصان البقاء ) . وفاته و مدفنه : توفي الشيخ سليمان الماحوزي ( رحمه الله ) في 17 من شهر رجب الأصب سنة 1121 هجرية ( 1709 م ) عن عمرا ناهز خمس و أربعين سنة على وجه التقريب ، وتاريخ وفاته كما أرخه بعض الشعراء ( كورت شمس الدين ) و نقل جثمانه الشريف من بيت سكناه في بلاد القديم ، ودفن في قرية ( الماحوز ) دار نشأته و تحصيله العلمي ، في مقبرة ( الشيخ ميثم بن المعلى ) جد ( الشيخ ميثم البحراني ) الشهير ، و القبر الشريف موجود داخل مسجد المقبرة ومعه ثلاثة قبور أخرين عرف منهم والد وجد الشيخ ميثم البحراني و الآخر غير معروف وهذا ما نقله بعض من رجال قرية الماحوز ، و هذا المقام مغلق دائما و شبه مهجور . المصادر :-
|
|